أحداث

الإخوان والعسكر.. أسرار الحكم في السودان بين طيات حديث الليل


اختار الحديث في ساعة متأخرة من الليل من مكان يختفي فيه عن الأنظار مع انقطاع خدمات الكهرباء في شمال السودان.

هكذا ظهر رئيس حزب المؤتمر الوطني المنحل (إخوان) في السودان أحمد هارون، من مكان مجهول في شمال السودان، في مقابلة أجرتها معه وكالة “رويترز”، في أبريل/نيسان الماضي.

مقابلة رسم فيها ملامح مرحلة ما بعد الحرب والمتمثلة في شرعنة الوجود العسكري في الحكم، وإعادة دمج الإخوان تدريجيا في السلطة.

تصريحات هارون، وهي الأولى له منذ سنوات، جاءت لتؤكد ما دأب الجيش على إنكاره، وتسلط الضوء على محاولات حثيثة لإعادة تشكيل الدولة على أنقاض الحرب، وفق صيغة تمكّن الإخوان من العودة إلى الحكم.

وفي حديثه، أكد أحمد هارون الروابط المفخخة بين الإخوان والجيش والسلطة، الصلة التي لطالما حكمت مقاربة الأزمة في بلد تسللت فيه أيادي التنظيم لتطلق الرصاصة الأولى وتشعل حربا لم تضع أوزارها حتى اليوم.

الجيش بوابة السلطة

وفي المقابلة لمّح هارون، بوضوح إلى أن حزب المؤتمر الوطني الإخواني يعمل على إعادة تموضعه في المشهد السياسي.

وبدت نبرته وكأنها إعلان مبكر عن عودة الإخوان للحكم، تحت غطاء “الشرعية الجديدة” التي يأملون أن تصوغها نتائج المعركة، سواء عبر السيطرة المباشرة أو من خلال التأثير على دوائر القرار العسكري في بورتسودان.

وهارون مطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية بتهم التورط في جرائم حرب وإبادة جماعية في دارفور في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

وهو أيضا حليف الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير الذي خرج من السجن في بداية الصراع.

وبدأت عودة الفصائل الإسلامية قبل اندلاع الحرب في أبريل/ نيسان 2023، وهي فترة أخذت تنحرف فيها عملية الانتقال نحو الحكم المدني عن مسارها المأمول.

ورسخت هذه الفصائل وجودها داخل أجهزة الحكم وفي الجيش خلال فترة حكم البشير التي استمرت ثلاثة عقود.

واستمد قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، الذي أصبح رئيسا لمجلس السيادة الانتقالي بعد فترة وجيزة من الإطاحة بالبشير عام 2019، دعما منها عندما قاد انقلابا في أكتوبر/ تشرين الأول 2021 على الحكومة الانتقالية.

وأدت الحرب الدائرة منذ أكثر من عامين بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان إلى موجات من القتل على أساس عرقي وانتشار المجاعة والنزوح الجماعي، وتسببت في ما تصفها الأمم المتحدة بـ”أكبر أزمة إنسانية في العالم”.

مقاتلون

تظهر وثيقة لحزب المؤتمر الوطني حصلت عليها رويترز عبر مسؤول قالت إنه “إسلامي كبير”، دورا رئيسيا للشبكات الإسلامية منذ بداية القتال.

وفي الوثيقة، يبلغ عناصر من الإسلاميين قيادتهم بالمهام التي قاموا بها وتحدثوا عن دورهم في المساهمة المباشرة في المجهود العسكري للجيش بما يتراوح بين ألفي وثلاثة آلاف مقاتل خلال العام الأول من الصراع.

وتحدثوا أيضا عن تدريب مئات الآلاف من المدنيين الذين استجابوا لدعوة الجيش للتعبئة العامة، والذين انضم أكثر من 70 ألفا منهم إلى العمليات.

وقالت ثلاثة مصادر عسكرية من الجيش وفصائل متحالفة معه إن هذه الخطوة عززت صفوف القوات البرية المتناقصة.

وقدّرت مصادر عسكرية عدد المقاتلين المرتبطين مباشرة بحزب المؤتمر الوطني بنحو خمسة آلاف، يخدمون بالأساس في وحدات “قوات العمل الخاص”.

وأفاد مقاتلون إسلاميون ومصادر عسكرية بأن مقاتلين آخرين دربهم إسلاميون يخدمون في لواء نخبة أعيد تشكيله ويتبع جهاز المخابرات العامة.

 ورفض هارون إعطاء أرقام عن عدد المقاتلين الاسلامين الذين يساندون الجيش.

لكنه أقر بأنه “ليس سرا أننا ندعم الجيش استجابة لدعوة القائد الأعلى للتعبئة العامة “.

من جهته، يؤكد محمد مختار مستشار قيادة قوات الدعم السريع، أن “الإخوان هم من أشعلوا هذه الحرب سعيا للعودة إلى السلطة، وهم من يديرونها وهم يسيطرون علي قرار الجيش “.

أذرع

تقدم الحركة الإسلامية السودانية لعناصرها منذ فترة طويلة تدريبات عسكرية، عبر وسائل منها ما كان يعرف في عهد البشير باسم «قوات الدفاع الشعبي» الاحتياطية.

وخلال الحرب، صعد نجم وحدات إسلامية شبه مستقلة أبرزها كتيبة البراء بن مالك.

وقال أحد قادتها وهو المهندس أويس غانم (37 عاما) لرويترز إنه أصيب ثلاث مرات في أثناء مشاركته في معارك حاسمة لكسر الحصار عن قواعد للجيش في العاصمة في وقت سابق من العام الجاري.

وأضاف أن أفراد الكتيبة يمكنهم الحصول على الأسلحة الخفيفة والمدفعية والطائرات المسيرة بموجب تعليمات الجيش ويتلقون الأوامر منه.

ويتهم مراقبون لحقوق الإنسان الكتيبة بارتكاب عمليات قتل خارج نطاق القضاء في المناطق التي استعادوا السيطرة عليها في الآونة الأخيرة في الخرطوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى