أزمة السودان.. مسؤولة أمريكية تكشف آلية محاسبة طرفي النزاع
نزاع دائر منذ أبريل/نيسان الماضي، يزداد اشتعالا يوما بعد يوم، ويدفع ثمنه المدنيون.. هذا هو حال السودان الذي دفع واشنطن للتحرك.
واشنطن اتخذت قرارا باعتبار ما يتم ارتكابه من “جرائم بحق المدنيين” في السودان من طرفي النزاع، بمثابة «جرائم حرب» وهو ما يستدعي المحاسبة، عبر تعديلات للقوانين وبعثة تقصي حقائق ومراكز رصد وغيرها.
وفي هذا الإطار، وجهت لسفيرة وزارة الخارجية الأمريكية المتجولة للعدالة الجنائية العالمية، بيث فان شاك، عددا من الأسئلة حول تفاصيل الاتهام وطرق رصد تلك الجرائم وطريقة المحاسبة المفترضة.
وقالت بيث فان شاك “إن الوضع في السودان رهيب حقًا، حيث تحمل المدنيون السودانيون منذ أبريل/نيسان، وطأة الصراع غير الضروري وغير المعقول بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع“.
وأضافت المسؤولة الأمريكية أنه “حتى الآن قُتل ما لا يقل عن 10 آلاف شخص، ونزح أكثر من 6.8 مليون شخص من منازلهم في السودان، ولا يزال بعضهم بالداخل، فيما البعض الآخر أصبحوا لاجئين عبر الحدود الدولية”.
وتابعت فان شاك: “واشنطن اتخذت قرارا باعتبار ما يتم ارتكابه في السودان، بمثابة جرائم حرب، ليكون شاهدا على الانتهاكات التي يعاني منها الشعب السوداني على أيدي القوات التي من المفترض أن تحميه ويسلط الضوء عليها”.
وأشارت إلى أنه “من المنتظر أن يعمل القرار على حشد المجتمع الدولي في إنهاء العنف ومعالجة الأزمة الإنسانية وتعزيز العدالة للناجين والضحايا”.
وكشفت عن “مواصلة الحكومة الأمريكية متمثلة في وزارة الخارجية، في تتبع وتوثيق نطاق واتساع الجرائم التي يرتكبها المتحاربون”، قائلة: “نحن نشاهدهم ونراقبهم”.
آلية الرصد ووقائع الجرائم
وحول طرق رصد جرائم الحرب في السودان، أكدت المسؤولة الأمريكية أنها تتم عبر “مصادر استخباراتية داخلية خاصة بنا، فضلا عن منظمات حقوق الإنسان ذات المصداقية، بما في ذلك المنظمات الكبيرة متعددة الجنسيات مثل منظمة رصد حقوق الإنسان في العالم، وبالإضافة إلى جهود التوثيق التي يقودها السودانيون أنفسهم”.
وأضافت: “لدينا كذلك مرصد خاص للصراعات قادر على إجراء تحليلات متطورة للغاية ومفتوحة المصدر، وتنقية مواقع التواصل الاجتماعي وتجميع تلك البيانات ومن ثم إخضاعها لتحليلات البيانات الضخمة من أجل عرض وتحديد أنماط الجرائم والعنف”.
وبشأن الوقائع المحددة، قالت فان شاك، إن “جرائم الحرب التي تم رصدها تشمل الانتهاكات أثناء الاحتجاز، وإساءة معاملة الأفراد المحتجزين لدى طرفي النزاع، كما تم رصد هجمات عرقية واسعة على القرى والمدنيين في منطقة دارفور”.
وأشارت إلى أن “جرائم الحرب بموجب القانون الدولي يتم تعريفها بمجموعة من أعمال العنف المختلفة المرتكبة ضد السكان المدنيين على نطاق واسع أو بشكل منهجي”، ومنها هجوم لقوات الدعم السريع والمتحالفين معها، بحسب قولها.
تعديل الولاية القضائية
وحول طريق المحاسبة، قالت المسؤولة الأمريكية إنه إذا تمكنت المحاكم الأمريكية من تأكيد ولايتها القضائية على مرتكبي الجرائم السودانيين، فسنكون قادرين على محاكمة جرائم الحرب هنا في الولايات المتحدة.
وتابعت: “هذه مجرد عينة من الفرص المحتملة لتحقيق العدالة فيما يتعلق بالأفعال التي نراها والتي عززت تصميمنا على رصد الفظائع”.
وأشارت إلى أن المحكمة الجنائية الدولية لها ولاية قضائية على الأحداث في دارفور، وقد نشأ ذلك عن إحالة مجلس الأمن للوضع في ذلك الوقت إلى المحكمة في عام 2005.
واستطردت: “الآن، في كثير من النواحي، يرتبط العنف اليوم بالعنف السابق، وقد أعلن المدعي العام مؤخرًا أنه بدأ تحقيقًا مركّزًا على الأحداث الجارية فيما يتعلق بتلك الإحالة الأصلية”.
وأضافت فان شاك أن “المحكمة الجنائية الدولية، من الناحية الفنية، لا تتمتع إلا بالولاية القضائية على الوضع في دارفور، وكان هذا أساس الإحالة الأصلية، داعية مؤسسات العدالة الأخرى التركيز على الانتهاكات التي تحدث في الخرطوم وفي أجزاء أخرى من البلاد”.
بعثة تقصي حقائق
ونبهت إلى أن “بعثة تقصي الحقائق الجديدة سيكون دورها في غاية الأهمية، لأنها لن تقتصر على جميع معلومات حول قاعدة الجريمة، وما الذي يحدث على الأرض، ومن يتعرض للأذى، ولكن أيضًا سيكون لديها تفويض بمراقبة قاعدة الجريمة، والنظر في من هو الأكثر مسؤولية. لتحديد هوية الجناة”.
ولفتت إلى أن “هذه المعلومات ستكون متاحة بعد ذلك للمدعين العامين والمحققين في جميع أنحاء العالم الذين قد يكونون قادرين على ممارسة الولاية القضائية على الأحداث في السودان في المحاكم المحلية”.
وكشفت المسؤولة رفيعة المستوى بالخارجية الأمريكية، عن “إجراء تعديلات على قانون جرائم الحرب في الولايات المتحدة في نهاية العام الماضي، من أجل السماح للمحاكم الأمريكية بممارسة الولاية القضائية على جرائم الحرب عندما ترتكب في وضع مثل دارفور، بغض النظر عن جنسية مرتكب الجريمة، أو جنسية الضحية أو مكان ارتكاب الجريمة”.
وشددت على أنه “إذا تمكنت المحاكم الأمريكية من تأكيد ولايتها القضائية على مرتكبي الجرائم السودانيين، فسنكون قادرين على محاكمة جرائم الحرب هنا في الولايات المتحدة”.
مرصد جديد للصراع
وكشفت السفيرة فان شاك عن تمويل مرصد جديد للصراع في السودان ومقره في جامعة ييل بالولايات المتحدة، حيث يتم نشر تقاريرهم للعامة.
وقالت: “ستواصل الولايات المتحدة أيضًا دعم جهود التوثيق التي يقودها السودانيون، لا سيما تلك التي تتمحور حول الناجين والتي تتناول الصدمات”.
وأشارت المسؤولة الأمريكية إلى أن “الولايات المتحدة تعد أكبر جهة مانحة منفردة للمساعدات الإنسانية لشعب السودان، حيث قدمت ما يقرب من 895 مليون دولار من إجمالي المساعدات الإنسانية في السنة المالية 2023 من خلال الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ومن خلال مكتب السكان واللاجئين والهجرة التابع لوزارة الخارجية، ومصادر أخرى”.
وبينت أن “هذا التمويل يعمل على توفير المساعدة الغذائية الطارئة، وخدمات الحماية، والرعاية الصحية، والدعم الغذائي، والمأوى، والمياه، والصرف الصحي، وخدمات النظافة، وأشكال أخرى من الإغاثة لملايين الأشخاص في السودان ولأولئك الذين فروا الآن إلى البلدان المجاورة”.